
لماذا أصبح العالم قاسي إلى هذا الحد ، لماذا أصبحنا هكذا ، وما الفائدة من كل هذا !!
لماذا يتركني الناس ويرحلون ، لماذا دائما يتركني هؤلاء الذين آمنت بهم ومنحتهم الثقة منحتهم مساحه خاصه..خاصه جدا. ولأسباب غير معلومه ، وأحيانا بدون أدنى سبب. لماذا يرحل هؤلاء تاركين وراءهم خيبه أمل وحزن وحنين واشتياق وكره. لماذا يحمل لي العالم كل هذا الوجع والألم والكره. وأنا لا أتمنى سوا الحياة الهادئة لم أحلم يوما بأكثر من هذا ، أنا اتساءل لماذا وانا على درايه كامله بانه لا يوجد إجابه لسؤالي هذا.
لقد كبرت قبل الأوان اصحبت كالوردة الذابلة عديمة النفع ، تتساقط اوراقها كل يوم بل كل ساعة ، وكلما هبت ريح تطايرت وتبعثرت هنا وهناك ولم يعد لها مكان ولا مأوى ، أصبحت عيوني منتفخه من كثرة البكاء والسهر ليلا ، وبات من الصعب جدا ارضائي.
ذات يوم قالت لي جدتي ان الإنسان عند بلوغه مرحلة الشيخوخة يصاب بحاله من الخوف عند النوم ليلا ولهذا فأغلب كبار السن يحاولون النوم أثناء النهار خوفا من الليل ، وعندما سألتها عن السبب قالت لي : اننا في مرحلة الشيخوخة نخاف من النوم ليلا مثلما يخاف الطفل الصغير من النوم بدون أمه أو بدون "أمان" كما اتخيل.
فالأمان هو أن تنام دون القلق من ان تفيق ليلا ولا تجد من يؤنسك ويطمئنك بأنه هنا جالس بجوارك لكي تنام أنت وترى أحلام سعيدة.
والأن وأنا استعيد كلامك يا جدتي وقد أصبحت استفيق ليلا فزعه ، لم يعدل لدي أمان ، أصبحت أخاف النوم ليلا يا جدتي أصبحت انام طوال النهار خوفا من الليل.
لقد كبرت يا جدتي كبرت ولم اعد أستطيع التحمل أكثر مما تحملت ، لقد اصبحت قاسيه شديدة الحساسيه ، عنيده لاقصى حد ، أصبحت استشيط غضبا من أقل القليل ولم يعد بمقدور احدا تهدئتي لم يعد لأحد سلطه علي ، اصبحت متمردة ساخطه ، غير مباليه بنظرات من حولي ولا ردود أفعالهم.
لقد كبرت يا جدتي ، الأن أشعر أني امرأة عجوز تبلغ من العمر تسعين عام. لقد بت أحاول مقاومة تغلغل المرض داخل جسدي الهزيل. لقد أصبحت اتنفس بصورة شديدة الصعوبة ، وكان رئتي محمله بالهموم ولم يعد بمقدور السعال ان يخلصني منها.
لقد كبرت يا جدتي عندما أدركت فقداني لجدي أو لأبي كما أطلق عليه ، جدي الذي لم أراه يوما ولكني أعرف عنه الكثير والكثير، فانا يتيمة الأب ولكن أبي لايزال على قيد الحياة ، أليس غريبا ان اشعر بمثل هذا الشعور! غريبة هي الحياة يذهب من نريدهم الا يذهبوا ويبقى من نتمنى بعده عنا كل يوم بل كل ساعة.
كبرت عندما مرضت أمي ، أمي ملاكي حبي الوحيد ، أمي أعز صديقاتي ، بل أمي هي صديقتي الوحيدة. انا لازلت أتذكر هذا اليوم تماما وكأنه اليوم ، أتعلمي يا جدتي كلما تذكرت هذا اليوم لا أستطيع منع نفسي من البكاء. لا أعلم لماذا أبكي! هل أبكي لاني لم اتخيل يوما ان تتركني أمي ، أم بكيت لتقصيري معها ، لا اعلم ، كانت امي دائما تقول لي: أنت لم تقصري في حقي ابدا بل إن وجدك معي هو ما يهون علي ما أنا فيه .
هل تعلمي يا جدتي كم هو مؤلم هذا الشعور ، أن أكون ما يهون عليها وانا غير قادرة على أن أؤتيها بما تحتاج ، غير قادرة على أن أبعد عنها ما كان سبب لمرضها هذا ، غير قادرة على إسعادها ، يا لهذا الشعور القاتل أن أكون عديمة الجدوى ، ان اكون بلا فائدة.
ما فائده الكلمات ما فائده أن اهون عليها وانا غير قادرة ان اقف امام ما يحزنها واقاتله ، لا أحد يا جدتي يشعر بما أشعر به الأن صدقيني لا أحد يعلم بهذا الألم في صدري الذي لا يكف عني ولا يرحل ابدا ، لا أحد يعلم أني في كل ليلة أجلس بجوار أمي لعلها تحتاج شيء ، أجلس بجوارها أتابع أنفاسها. والأن وبعد مرور عامين على إكتشاف مرضها أنا غير قادرة على فعل شيء سوا البكاء.
ولازالوا يسألونني لماذا أنتي حزينه هكذا لماذا كل هذا الكئابه في عيونك ! اسأل الله الا يعلموا لماذا ، اسأل الله الا يشعر احد بالعجز امام من يحب ، ان يفقد المأوى والأمان ، الا يشعر احد باليتم وأبويه على قيد الحياة.
لقد كبرت يا جدتي وشاخ قلبي ولم يعد باستطاعتي أن احب احد ، لم أعد استطيع ان أغفر لمن كان سبب في مرض أمي هذا ، ولم يعد لدي رغبه في متابعه الحياة وكأن شيء لم يكن ، لقد كبرت يا جدتي كبرت ولم يعد في مقدوري ان أعيش هكذا.
ان اقراءها ومش قادره انطق بكلمه واحده ومش عارفه اقول ايه
ردحذفانا عارفه كمية البكاء اللى طلعت منك وانت بتكتبيها ومش عارفه اعمل ايه
يا ررب انت عارف والمطلع الرفق الرفق الرفق يا ودود يا ودوود يا ودود
الحمدلله الحمدلله
ردحذفلله الأمر <3
ردحذف